الكذب والغش والخيانة

الكذب والغش والخيانة

الحمدلله الذي وعد من اتقاه بجنات تجري من تحتها الأنهار .. وجعل الدار في الآخرة هي دار القرار .. أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه .. إنه لذنوبكم ستار غفار .. أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. شهادة يأتي قائلها آمناً يوم القيامة .. شهادة يأتي قائلها متسربلاَ بسربال الكرامة .. شهادة يأتي قائلها مرفوعاَ يوم القيامة قامه .. وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وإمامنا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله .. خير من ظللته الغمامة .. اللهم فصلي وسلم وبارك على سيدنا محمد سيد أهل الزعامة .. وسيد الناس يوم القيامة .. وخير من يأتي الجنة يوم الطامة .. اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار الأبرار وعلينا ومعهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين .. ثم أما بعد .. فإني أوصيكم ونفسي الخاطئة المذنبة بتقوى الله .. تقوى إله العالمين عز وحرز في الدنا والمرجع .. فيها غنى الدارين فاستمسك بها والزم تنل ما تشتهيه وتدعي .. ومن ضيع التقوى وأهمل أمرها تغشته في العقبى فنون الندامة .. ومن كانت الدنيا قصارى مراده فقد باء بالخسران يوم القيامة ..

عباد الله .. إن من أكره الصفات التي يكرهها الله - عز وجل - في عباده .. أن يراك كاذبا .. أو يراك خائنا .. أو يراك متكبرا أو يراك غشاشا .. والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. فإن الكذب .. وإن الخيانة .. وإن التكبر .. وإن الغش .. كلها من صفات إبليس .. ومن صفات أتباع إبليس .. وصفات من يدخلون النار يوم القيامة والعياذ بالله .. يقول الله - تبارك وتعالى - : ((وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ*اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ)) .. فما ربحت تجارتهم لا تجارة الدنيا ولا تجارة الآخرة .. لا تجارة الدنيا ولا الآخرة فهم في خسارة وإن ربحوا الملايين .. فهم في خسارة وإن أخذوا الدنيا .. ((خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)) .. يا عباد الله .. يا أتباع النبي محمد .. لقد جاءكم الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بالصدق .. وبلغة العصر الشفافية .. ونعيش في أصل من أصول الدين .. وهو صدق جاء به سيد المرسلين - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - .. فإن الكاذب والعياذ بالله عمره قصير .. ووزره عظيم .. ووجهه أسود يوم القيامة والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. و((تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ)) يوم القيامة والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. ((أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ)) .. يا عباد الله .. لقد وصف الله اليهود .. بني صهيون .. الذين اغتصبوا أرض فلسطين .. ويسمونها الناس .. عام الـ60 من النكبة .. واغتصبوا أراضي المسلمين .. كم أعراض انتهكت .. وكم مساجد هدمت .. وكم من دماءٍ أُسيلت .. وكم من مزارع قُطّعت .. وكم من اطفال شردوا والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. إلى الله المشتكى .. لكن المسألة ليست بغريبة عنهم .. بالنسبة لي أنا كمسلم .. لا أستغرب من فعلهم فلقد وضح الله - عز وجل - أفعال اليهود في القرآن الكريم .. ووصفهم بصفات يحذر المسلمين من الأخذ بها .. (( إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ )) .. فإن رأى فيك صفات اليهود فإن الله سيقصمك .. ولو بعد حين ((وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)) .. ((وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)) .. يقول الله - عز وجل - : ((سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)) .. هذه صفتان .. أو هاتان صفتان من صفات اليهود .. يقولون الكذب .. ويسمعون الكذب .. ويشيعون الكذب .. ويبيعون بالكذب .. وينشرون بالكذب .. ويعملون أعمالهم بالكذب .. والخيانة والغش .. ثم بعد ذلك يأكلون السحت .. نتيجة الكذب أن يكون المال المأخوذ بالكذب حراما .. ((سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)) .. فإذا كانت هذه صفات اليهود .. وأنتم تقرؤون القرآن بلغتكم بلغة العرب .. أسأل الله - عز وجل - أن يبقِ اللغة ما بقي القرآن .. وأن يجعل اللغة العربية في ألسنتنا وبيوتنا وأولادنا .. حتى ندرس ونتعلم القرآن .. وإن رغمت أنوف أعداء اللغة وأعداء الإسلام وأعداء لا إله إلا الله .. محمد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - .. يا عباد الله .. إن الكذب .. طامة كبرى إن دخلت بيت مسلم .. تهدمه من أصله ومن جذوره .. وتهدم مستقبله يوم القيامة .. النبي - صلى الله عليه وسلم - .. يدعونا لأن نكون صادقين .. لكن في ماذا؟قال - صلى الله عليه وسلم - :(عليكم بالصدق .. فإن الصدق يهدي إلى البر .. وإن البر يهدي إلى الجنة .. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا .. وإياكم والكذب .. فإن الكذب يهدي إلى الفجور .. وإن الفجور يهدي إلى النار .. وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) .. والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. يا عباد الله .. إن الكذب والعياذ بالله - عز وجل - .. من أسباب الفشل في الحياة .. في الحياة السياسية والاقتصادية والزوجية والاجتماعية والدراسية .. والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. مهما كان الكاذب انطلق وقطع مسافات إلا أنه في وقت من الأوقات لابد أن يتوقف في منتصف الطريق والعياذ بالله .. عند ذلك يقول الله - تبارك وتعالى - .. واسمعوا إلى وصفهم .. ((مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ)) .. ماذا بعدها؟ ((ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)) والعياذ بالله - عز وجل - .. صفاتهم .. قرآن .. كلام رب الأرباب الذي لا يتغير .. الذي لا يتبدل .. الذي لا يتزعزع .. مثلهم .. هل تقرؤون كتاب ربكم؟ .. مثلهم الذين كانوا((وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ)) إلى كبرائهم إلى زعمائهم .. إلى أصحابهم إلى ربعهم .. مجموعة من الكذابين والخونة والغشاشين .. (( قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)) إلى أن قال ((مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا)) .. لا يغرك .. حسن هندامهم .. ولا يغرك .. كثرة أموالهم .. ولا يغرك .. جمال أجسادهم .. ولا يغرك .. حلاوة ألسنتهم .. ((مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا)) .. استوقد واشعل نار .. حتى تضيء له الطريق .. ((فَلَمَّا أَضَاءَتْ)) .. أشعلها .. وأضاءت .. ومشى .. ((ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ* صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ)) .. لا يرجع .. الأعمى أعمى! .. والأبكم أبكم! .. والأصم أصم! .. ((لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا)) .. الجبل يفهم ويدرك .. إلا أن بني الإنسان أعمى .. فإذا كان اعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا .. ((وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً)) .. يحشر يوم القيامة أعمى .. لا يرى وجه الله - عز وجل - معبوده الأجل .. ولا يرى وجه نبيه المصطفى – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- .. قال العلماء أعمى إلا عن النار .. يعمى عن كل شيء .. فإذا أوشك على دخول النار رجع إليه بصره فرأى النار .. لا يرى إلا النار .. ولا يشم إلا رائحة النار .. ولا يتنفس إلا زفير النار .. ولا يسمع إلا أجيج النار وتغيظ النار .. والعياذ بالله اللهم عافنا من نارك .. عباد الله .. إن هدم البنيان .. وهدم الدول والمدن .. أهون عند الله .. من هدم بنيان إنسان في داخله .. أن ترى إنساناً يبصر ويسمع ويتكلم ويمشي إلا أن داخله منهدم .. منكسر .. معنوياته محطمة .. تأتي أنت .. وتعمل في عمل .. ثم بعد ذلك لا تجد تقديراً من مسؤولك .. وربما تكون تعمل .. وتكون سبباً في توظيف فلان .. في وظيفة من الوظائف .. ثم بعد ذلك بعد أن يشتد ساعده .. ويترقى .. يخطط من أجل تفنيشك وإخراجك من العمل .. أعلمه الرماية كل حين فلما اشتد ساعده رماني .. كيف تعيش وسط أناس كذابين؟وسط أناسٍ غشاشين .. متحطمةٌ معنوياتك .. محطمةٌ نفسيتك .. لا تثق في زيد ولا في عمرو .. تجد الواحد منهم يبيع بالغش والخيانة .. يتزوج بالخيانة .. يطرق بيت فتاة يتزوجها وهو ينوي الخيانة .. وهو ينوي الغش والعياذ بالله - عز وجل - .. يخون زوجته وأولاده .. ويخون دولته ووطنه .. ويخون مجتمعه وأهل بلده .. يخون عمّاله .. يخون جيرانه .. كذاب .. غشاش .. منافق .. يشبع لوحده .. ينام لوحده .. يلبس لوحده .. يسكن لوحده .. وما علي من أناس يموتون جوعا .. هل هذه هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله؟ .. لا وعزة ربي .. هل هذا المنهج السوي الذي جاء به النبي بصلاح العالم من ظلمات الغفلة .. وظلمات التكبر .. وظلمات الفساد في كل شيء .. لم يأت بهذا رسول الله .. لقد فسدت الأرض فسادا .. حتى بلغ فسادها عنان السماء .. فسدت كل الأمم .. خلقها الله للإصلاح ففسدت .. خلقها الله لإعمار الآخرة فخربت آخرتها .. انتشرت فيهم الفواحش .. وانتشرت فيهم الخمور .. وخططوا لاغتيال أنبيائهم ورسل الله - عز وجل - .. ((قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) .. تقولون سمعنا وأطعنا أمام أنبيائكم ثم إذا خلوتم قلتم : ((سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ)) .. قرآن كريم هذا الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ((يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)) .. على من؟على ربك؟يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم .. ((وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)) .. حتى إذا تغشيت بثوبك .. وغطيت بلحافك .. ((أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)) .. ألا حين .. ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)) .. حتى تقلبك في فراشك ذات اليمين وذات الشمال فإن الله يعلمه .. ((وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)) .. عباد الله .. أنا كمسلم .. لابد أن أكون صادقاً في معاملاتي .. ولو أموت جوعاً .. تذهب الدنيا عليها السلام بالطلاق ثلاث .. ولا ألقى الله وأنا غشاش أو كذاب أو منافق .. أنا كمؤمن .. أعلم أن لي نهاية .. كما أنك تذهب إلى الأسواق أو البقالات فتشتري بضاعة .. أو تشتري مواداً غذائية .. ما من بضاعة أو أكل تأكله .. إلا وله تاريخ إنتاج .. وتاريخ انتهاء صلاحية .. كذلك أنت .. لك تاريخ إنتاج .. وتاريخ انتهائك .. فإذا انتهى اجلك .. مت .. وغداً يوم القيامة عرضٌ وحساب .. ووقوف بين يدي رب الأرباب - جل جلاله وتعالى في علاه - .. يا أيها العباد .. لقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - .. من انتشار الفساد في الأرض .. ليس الفساد الذي يتبادر في ذهنك من فاحشة الزنا واللواط وهو من أبشعها وأعظمها .. وإن كانت فاحشة الزنا واللواط والعياذ بالله ليست بجديدة على هذه الأرض .. فلقد فُعِلت هذه الفواحش منذ الزمن الاول والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. لكن .. الذي حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - .. أن تُفتح لنا الدنيا وقد فُتِحَت .. لم تُفتح لآبائكم وأجدادكم .. جدك .. لم يرَ العيشة الهنية التي تعيشها أنت .. مع أن أنا وأنت .. وزيد وعمرو .. ربما يشتكي من غلاء الأسعار .. وقلة البركة في الأموال .. لا أقول قلة الأموال الأموال كثيرة .. وستزداد كثرة .. وستزداد كثرة .. لأن النبي هو قال ذلك .. لكن المشكلة .. أن أناساً يموتون جوعاً .. وآخرون يموتون شبعاً .. أموالٌ مكدسة .. في أرصدة البنوك عند زيد وعمرو .. وإخوانهم من المسلمين يموتون جوعاً .. كل بني آدم سيُسأل عن ماله مرتين .. من أين اكتسبه وفيم أنفقه .. اللهم أدخلنا الجنة بغير حساب .. حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن هناك أشياء إذا دخلت في الأمة فإنه يكون سبب هلاكها وزوالها .. إذا وصل الحال .. أن يغش المسلم أخاه .. أو يخطط من أجل إيذائه .. بل وصل الحال .. لم يوقفه خوفه من الله .. يحاول من هنا وهناك أن يؤذي أخاه المسلم .. فلم يجد حلاً إلا أن يذهب إلى الساحر .. يذهب إلى الكاهن .. يذهب إلى المشعوذ .. يذهب إلى الكذاب .. يذهب إلى الكافر .. إذ يذهب إليه ويقول له:يا سيدي .. تُسَيّدُ كافراً يا هذا؟ .. فيقول له يا سيدي .. أريدك أن تؤذي فلان .. أن تفنشه من عمله .. أن تخرب بيته .. أن تقتل ولده .. أن تشعل النار في بيته .. فيقول أبشر .. لكن ائتني بصحيفة من القرآن ألوثها بدم حيض زوجك .. عادي .. مادام فلان سيؤذى عادي .. أبيع ديني .. من أجل بضعة دراهم .. هذا الذي حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - .. نبيع إذا وصل الحال إلى أن تبيع دينك بدراهم معدودة .. فأخشى أن يكون هذا نذير شؤم والعياذ بالله - عز وجل - .. الناس باعوا ضمائرهم .. يكذب .. باع ضميره .. يغش .. باع ضميره .. ثم تطوروا فباعوا أعراضهم .. باع عرض أمه أو عرض زوجته أو عرض أخته أو ابنته .. اذهبي يا ابنتي مع فلان .. في المكان الفلاني .. لأنه أعطاني شيكاً بقيمة كذا كذا ألف درهم أو دينار أو دولار .. يا أبتاه حرام اتق الله فيي .. اذهبي وإلا قتلتلك وإلا فضحتك .. اذهبي .. باع ضميره .. باع عرضه .. واليوم نبيع ديننا .. اليوم نبيع ديننا .. وكم من بياع لدينه يمشي في الأرض .. يظنه الناس بشراً وهو خنزير يمشي على الأرض والعياذ بالله - تبارك وتعالى - .. يقول الله - عز وجل -(( لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ)) .. أي على حقيقتهم .. ((لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا)) .. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .. أسأل الله - عز وجل - أن يرفع من قلوبنا ومن بيوتنا ومن بلاد المسلمين كل خائن .. وكل كذاب وكل غشاش وكل منافق .. إنه أكرم الأكرمين .. يقول الله - تبارك وتعالى - .. ((وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) .. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم .. فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

إن الحمدلله .. نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه .. ونؤمن به ونتوكل عليه ونثني عليه الخير كله .. أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .. وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. نشهد أنه قد بلغ الرسالة فأحسن تبليغها .. وأدى الامانة فأحسن أداءها .. وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .. اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار الأبرار وعلينا ومعهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين .. وسلم تسليما كثيرا .. ثم أما بعد .. فيا أيها العباد فإني أوصيكم ونفسي الخاطئة المذنبة بتقوى الله .. اصدقوا مع الله فإن الله يصدق معكم .. أما إذا كذبت مع الله فإن الله لن يصدقك .. لأن ليس للإحسان إلا الإحسان .. ((هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)) .. أعرابي .. كان يرعى الغنم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .. سمع أن هناك رجل يدعو إلى الإسلام اسمه محمد .. صلوات ربي وتسليماته عليه .. سمع من صفاته أنه لا يكذب .. لا يكذب؟ عجيب! .. لا يخون .. لا يغش .. لا يماطل .. لا يماري .. لا يتكبر .. يستوي عنده العبد والسيد .. يستوي عنده الكبير والصغير .. يستوي عنده الغني والفقير .. قال عجباً! .. دلوني عليه .. هذا لابد أن أؤمن وأتبعه هذا الذي أريده .. أن يسوّي بيني وبين غيري .. أنا راعي غنم هل يمكن أن أتساوى مع فلان وفلان؟نعم إنه دين محمد .. - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - .. دلوني عليه .. فجيء به وقيل له هذا رسول الله .. ومن رأى وجهه علم أنه ليس بوجه كذاب .. هذا ما شهد به أعداؤه .. والفضل ما شهدت به الأعداء .. صلى الله تعالى عليك يا سيدي يا رسول الله .. فجاء الأعرابي قال يا محمد .. قال لبيك .. قال:ماذا عندك؟أريد أن أسمع ماذا عندك ما هو الدين الجديد الذي أتيت به؟فقال عندي كذا وكذا وكذا وحدثه بكل محاسن الإسلام وكله محاسن .. فقال والله لا أجد إلا أن أبايعك فامدد يمينك .. فمد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يمينه .. روحي فداه - صلى الله عليه وسلم - .. أسأل الله - عز وجل - أن يجعل كل واحد منكم يصافحه يوم القيامة .. وأن يصافحكم عند الحوض وهو نبيكم وأولى أن تحبوه .. وأن تشتاقوا إلى لقائه لأنه البدل الغالي والنفيس .. وربط الحجر على بطنه من أجل تبليغ الإسلام إليكم .. لابد أن تحبوه أكثر من أنفسكم وطعامكم وشرابكم وأرواحكم حتى مقاعدكم في الجنة .. رسول الله أولى من ذلك كله .. - صلى الله عليه وسلم - .. فمد له يمينه فصافحه .. وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. ثم .. حسن إسلامه .. ونادى منادِ الجهاد في سبيل الله .. والتحم الجيشان وانتصر المسلمون .. وكان من جملة المسلمين هناك شهداء .. وانتصر المسلمون انتصاراً كبيراً .. فجمعت الغنائم ووضعت بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. وكان من جملة المجاهدين ذلك الأعرابي .. فعندما وُضعت الغنائم وزعها - صلى الله عليه وسلم - على المجاهدين .. ثم أخذ نصيباً وقال هذا لفلان الأعرابي .. أين فلان؟أين فلان؟ .. يبحث عنه لم يجده .. فقال النبي اذهبوا ابحثوا عنه .. انظروا هل هو في الشهداء؟ذهب أحد الصحابة يفتش بين الشهداء لم يجده إذاً هو حي .. حي يُرزق .. فذهبوا فوجدوه يرعى أغنامه او يجلس في قارعة .. في ناحية .. فقالوا له يا فلان أنت تجلس هنا ورسول الله يوزع الغنائم؟ .. قال ماذا بعد؟ .. قالوا رسول الله يريدك .. قال رسول الله يريدني؟ .. قالوا نعم .. لبيك يا رسول الله .. فجاء الأعرابي : السلام عليك يا سيدي يا رسول الله .. وعليك السلام ورحمة الله اجلس خذ هذا .. ما هذا؟ .. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا نصيبك من الغزوة .. قال: ما على هذا بايعتك .. ولا على هذا صافحتك .. ولا على هذا آمنت بك واتبعتك .. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - .. يريد أن يستخرج منه كلاماً حتى يُسمع الناس .. قال:(إذا لم تبايعني على هذا على ماذا بايعتني؟) .. قال بايعتك على أنني أُرمى بسهمٍ .. فيدخل من ههنا ويخرج من ههنا(أشار ان يدخل من حلقه ويخرج من عنقه) .. قال إن تصدق يصدقك الله .. فجاءت معركة اخرى .. واستشهد فيها من المسلمين ما الله به عليم .. وكان من جملتهم ذلك الاعرابي .. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - دلوني عليه .. فدلوه عليه فإذا به رُمِي بسهمٍ في نفس المكان الذي حدده .. فجاءه سهمٌ واخترقه من حلقومه .. وخرج من قفاه .. فقال صدق الله فصدقه الله .. وانتم إذا صدقتم مع الله فإن الله لن يخيبكم .. ولن يتركم أعمالكم .. ((وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)) .. لكن النفوس تغيرت .. غرتها زخرفة الدنيا ولمعانها .. وليس كل ما يلمع ذهبا .. إنما نحن فتنة .. فإن الدنيا تقول لك بلسانها .. ((إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ)) .. إذا نظرت إلى الدنيا فانظر بعيني قلبك .. واعلم أنها إلى زوال .. ولا اقول لك اترك الدنيا .. بل أقول لك انتبه أن تصل إلى مرحلةٍ أن تبيع دينك من أجل الدنيا .. فأقول عليك السلام فأنت ميت وإن كنت تمشي في الأرض حياً .. نسأل الله - عز وجل - أن يتوب علينا توبةً نصوحا .. وان يجعلنا الله وإياكم من الصادقين يقول الله - عز وجل - : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ لصَّادِقِينَ)) .. اصدقوا مع زوجاتكم .. ويا أيتها النسوة .. اصدقن مع أزواجكم .. ويا أيها الطالب اصدق في دراستك .. واصدق في منهجك واصدق في اختباراتك .. ويا أيها المدرس .. ويا أيها العامل .. اصدق في بنائك .. فإن بنيت بناءً مغشوشاً وسقط على أصحابه فإن الأمر سيعود عليك .. كما تدين تُدان .. اصدق يا أيها الموظف .. اصدق يا صاحب الإدارة .. اصدق يا فلان ويا فلان .. اصدقوا في أعمالكم .. اصدقوا في أحوالكم .. فإن الله - عز وجل - لابد وأن يسأل الصادقين عن صدقهم .. ويعذب المنافقين والكاذبين بكذبهم .. أسأل الله - عز وجل - .. أن يجعلنا وإياكم من الصادقين .. ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه .. فقال ((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً)) .. اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا محمد .. وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار الأبرار .. وعلينا ومعهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين .. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين .. اللهم أذل الكفر والكافرين .. اللهم دمر أعداءك اعداء الدين .. اللهم خلص أولى القبلتين .. واحفظ الحرمين الشريفين .. واحفظ هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين .. من الفتن والمحن والحروب والآلام والأسقام .. اللهم إنه مرت سنوات على إخواننا في فلسطين .. اللهم فانصرهم على أعدائهم .. اللهم كل شبر من بلاد المسلمين .. حرره من أيدي المغتصبين .. يا أكرم الأكرمين .. وإن المستعمرين قد اغتصبوا أراضي قلوبنا .. اللهم فإننا نسألك أن تحرر أراضي قلوبنا من غزواتهم .. ومن أفكارهم .. ومن انحطاطهم .. ومن فسادهم .. احفظ قلوبنا وقلوب أولادنا وبناتنا من تخططات اليهود وأعوانهم .. أن يغزونا في بيوتنا وفي أولادنا وفي نسائنا .. اللهم إننا نستغيث بك .. وإننا نلتجئ بك .. فلا غوث إلا غوثك .. ولا مغيث غيرك .. فاللهم احفظنا يا خير حافظ .. فيا من قلت في قرآنه ((فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أرحم الراحمين)) .. ارحمنا رحمة واسعة .. لا تفتنّا يا ربنا في ديننا .. لا تفتنّا في دنيانا ولا أموالنا .. ولا أولادنا ولا أوطاننا .. ولا نسائنا ولا رجالنا .. يا رب العالمين .. يا أرحم الراحمين .. اللهم إننا نرفع إليك أيدي افتقارنا إليك .. نشكو إليك من كثرة الفساد في الأرض .. وكثرة الغش في الأرض .. وكثرة الكذب في الأرض .. وكثرة الخيانة في الأرض .. وكثرة الزنا في الأرض .. وكثرة اللواط في الأرض .. وكثرة المخدرات في الأرض .. وكثرة الخمور في الأرض .. وكثرة العريّ في الأرض .. وكثرة القتل في الأرض .. وكثرة الظلم في الارض .. ولا رافع لها غير الله .. فيا من بسطت ومددت الارض .. ويا من بيدك كل شيء .. فإننا نسألك أن ترحمنا رحمة واسعة .. إن الملأ والناس يسألونك أن تبارك في أرزاقهم .. وفي أموالهم .. وفي أولادهم .. وفي دينهم .. اللهم رخّص أسعارنا .. اللهم غزّر أمطارنا .. اللهم اشفِ أمراضنا .. اللهم ارحم موتانا .. اللهم ربّ أولادنا .. اللهم أصلح بناتنا .. اللهم حجب بناتنا .. اللهم أصلح أولادنا .. اللهم ارحمنا رحمة واسعة .. يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين .. و ارحم الشيخ زايد .. وبارك اللهم في ولي أمرنا ونائبه .. وسائر حكام الإمارات .. و اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا .. رخاء سخاء .. وسائر بلاد المسلمين .. آمين اللهم آمين .. ووفق أولادنا وبناتنا في اختباراتهم .. واجعلهم على ما تحبه وترضاه .. وفق طلبة المسلمين والمسلمات .. حتى يرفعوا شأن العلم في العالم كله .. وينشرون الإسلام والعلم والأخلاق في العالم كله .. يا أكرم الاكرمين ويا أرحم الراحمين .. عباد الله .. (( إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) .. اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم .. واشكروه على نعمه يزدكم .. (( وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)) ..