قلبك وواعظ الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بلغنا رجب ، وفتح لنا فيه باب المسارعة الى القرب ، واباح لنا الدخول في ساحة من احب ..وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الحبيب المحبب والقريب والمقرب وعلى آله وصحبه اهل الرغب والرهب
اما بعد ،،
قد اكون متاخرا في كتابة خواطر تتعلق بهذا الشهر ولعل في السكوت احيانا ابلغ التاثير من حيث ان العبد الموفق جعل له الله واعظا في قلبه يعظه وينصحه وبهذا اشير الى ان العبد من خلال وجوده في الحياة وتقلبه في الساجدين وتحريك لسانه وشفتيه في الذكر لرب العالمين ومن خلال عبادته لربه فان كان صادقا فيها او في معظمها او حتى ولو في تسبيحة واحدة لظهر عليه اثرها
ومن اعظم تلك الاثار هو وصول اثر نور تلك العبادة الى القلب فاذا وصل وذاق حلاوته انقلب الحال راسا على عقب ، وتغيرت حالته بل وحياته وبدا يفكر في تغيير طريقة تفكيره ونظرته الى الحياة
نعم المسالة تتعلق في حالة وصول الاثر النوراني الى القلب!!
كيف ينقلب الحال راسا على عقب؟
ذلك الانقلاب يبدا بترجمة ذلك الاثر الى انزعاج وحركة قلبية شديدة لاتبقي العبد على حياته السابقة من الدخول في الغفلات
تلك الحالة سببها شي يسمى ” واعظ القلب”
والتي اذا رزقها العبد واهتم بها وقبلها فقد قبل داعي الله ولبى دعوته وصار مطيعا ونحي عنه الشيطان
عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ” ضرب الله مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيها ابواب مفتحة وعلى الابواب ستور مرخاة ،وعلى الصراط داع يدعو يقول : ياايها الناس ! اسلكوا الصراط جميعا ولا تعوجوا ، وداع يدعو على الصراط ، فاذا اراد احدكم فتح شي من تلك الابواب قال : ويلك ! لاتفتحه فانك ان فتحته تلجه . فالصراط : الاسلام ، والستور : حدود الله ، والابوب المفتحة : محارم الله ، وذلك الداعي على الصراط كتاب الله عزوجل والداعي فوق الصراط :واعظ الله في قلب كل مسلم “رواه الامام احمد وغيره او كما قال
قال بعضهم : مامن عبد الا وله عينان في وجهه يبصر بهما امر الدنيا وعينان في قلبه يبصر بهما امر الاخرة
فاذا اراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللتين في قلبه فابصر بهما ماوعد الله بالغيب واذا اراد به غير ذلك تركه على مافيه ثم قرا قوله تعالى ” ام على قلوب اقفالها”
لذلكم اخواني واخواتي
ينبغي لكل منا ان يتحسس من ذلك الواعظ فالواعظ موجود في قلب كل مسلم ويناديه ويخاطبه ولكن البعض منا لا يسمعه لكونه هجر القران والذكر وانكب على المعاصي فيكاد لا يسمعه او انه يسمعه ولكن يتصامم اوما بلغه قول الله تعالى ” ام يحسبون انا لا نسمع سرهم ونجواهم ” وقال تعالى ” يعلم خائنة الاعين وماتخفي الصدور”
شهر رجب فرصة لتجديد والاستجابة لهذا الواعظ لانه يزداد قوة وتاثيرا لان رجب ملئ بالخيرات والرحمات والفيوضات والنداءات الربانية وخاصة في الثلث الاخير من الليل فمن قام ليلته وصدق وخشع وانصت وترك العنان لقلبه في التفكر سيجد ان قلبه يخاطبه قائلا له : اين كنت ؟ لم نسيتني؟ اوما كنت تسمعني؟
بل سيقول له ” لمثل هذا فليعمل العاملون”
ان ربكم سيمنحكم هذا الواعظ القلبي لمن اراد وطلب وصدق واخلص
ربما يسال سائل قائلا: وكيف لي بهذا؟
اقول:
حافظ على صلاتك ان لم تكن محافظا عليها فان حافظت عليها فاجتهد ان تخشع فيها فان خشع قلبك فيها فاخلص فيها فان الاخلاص سر الله لعبده وهو سر من اسرار الله تعالى يودعه في قلب من احب من عباده فكن انت منهم!
تعلم علما نافعا ولكن من نوع آخر؟
تعلم كيف تمسك قلبك عن الحسد عن الحقد عن البغض عن الكراهية؟
بمعنى صف حساباتك مع الخلق بالعفو والمسامحة حتى تصفو لك لحيظات مع الخالق قبل ان تلف في اكفانك ميتا ؟
كيف تتعلم هذا العلم؟
بارادة وعزم وصدق ورغبة ولهف وشغف وسلوك وتربية على ايدي اهل التربية والعلم بحضور دروسهم ومواعظهم او سماعها او قراءة كتبهم
كذلك الزم نبيك وتعرف على قلبه ؟
كيف تتعرف على قلب نبيك؟
بالقران الكريم لانه انزل على قلبه ، كان قرانا يمشي وقرانا يتكلم صلى الله عليه واله وسلم
كيف تمشي بالقران وتتكلم به؟
اقول لك ببساطة اذا قرات القران بتدبر فاجعل في معيتك كراسا او دفترا وان شئت ان تسمه ” صديق القران ” او ” صاحب القران” او ” جليس القران ” واكتب فيه كل خلق او امر من ربك تعالى او صفة يحبها ثم راجعها وكلف نفسك التحقق بها
على سبيل المثال
قال تعالى ” قد افلح المومنون”
اكتب في ” صديق القران” صفة الايمان ..وقل لنفسك ساتحقق بالايمان كيف
يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم ” من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن ” او كما قال
اذن تكثر من الحسنات باخلاص وتحمد الله عليها وتدعو غيرك الى فعلها
وان صدرت منك سيئة فاستغفره وتب اليه وابدلها بحسنات وانه غيرك عن فعلها
ثم قوله تعالى ” الذين هم في صلاتهم خاشعون” فتكتب في ” صديق القران” صفة الخشوع
فتقول كيف اخشع
اقول بحب تلك الصفة وحب اهلها ودعاء الله تعالى ان يحقق بها ثم بالاستعداد لها طهارة قبل وقتها والفرح بدخول وقتها وتعلم احكامها والصلاة في اول صفوفها واقامة سننها وادابها والفرح بها والخوف من عدم قبولها وبغض البصر عن الحرام والابتعاد عن مواطن الفتن وعليك ايضا بقيام شي من الليل وتدبر القران والفكر والذكر ولا يزال لسانك رطبا من ذكر الله تعالى
فمن قام بذلك يرجى ان يكون قرانا يمشي ان شاء الله تعالى
فالفرصة يااحباب في رجب فواعظ الله قريب منك لانه اقرب اليك منك وخصوصا في هذه الاشهر المباركة فلا يخرج رجب الا وقد تحقق فيك هذا الواعظ ان شاء الله تعالى
فمن بدا واستمر وواظب فان الاثر سيكون في شهر رمضان والموعد هناك ان شاء الله تعالى
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه
كتبه
حسين السقاف