سُقْيا الاعمال ( رسالة شهر شعبان )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بلغنا رجب ، واطال اعمارنا حتى بلغنا شعبان فاللهم بارك لنا فيه وبلغنا رمضان وبارك لنا فيه وصلى الله على سيدنا محمد من دعانا الى اقتناص فرص العمر ، وندبنا الى المسابقة في ميدان نيل الحسنات وعظيم الاجر وعلى اله وصحبه وسلم
اما بعد ،،
احبتي في الله .. كنت قد ذكرت سابقا انه كان يقال : رجب شهر الغرس وشعبان شهر السقيا ورمضان شهر الحصاد ..ومن غرس في رجب عملا صالحا وابتدا فيه فانه ينبغي عليه ان يسقيه في هذا الشهر
ولكن كيف تسقى الاعمال الصالحة في شعبان حتى ننال الثمار في رمضان؟
اقول ..
من المفترض اولا ان يعلم الجميع انه لا ينبغي للعبد ان يقبل على الله تعالى في هذه الاشهر فقط ثم يدبر والعياذ بالله بل اقول ان لهذه الاشهر ميزة تختلف عن غيرها ومن جملة تلك الميزات ان رجب اختصه الله تعالى باسراء ومعراج النبي صلى الله عليه واله وسلم على ارجح الاقوال ، وامتاز شعبان بتحويل القبلة في منتصفه وميزة اخرى وهي مغفرة الله في ليلة نصفه كما في الحديث الحسن ، واما رمضان فلا يحتاج الى ميزة لكثرة ميزاته وفضائله كما لا تخفى على العوام فضلا عن غيرهم
فشهر رجب كان شهرا غير عادي عند النبي صلى الله عليه واله وسلم ليس من كون ان به عبادة خاصة كلا وانما من حيث ان في شهر رجب وبحادثة الاسراء والمعراج كانت نقطة انطلاق ودعم رباني وظهور الايات والبراهين على صدقه مما جعله بعدها تتغير نظرة الناس عليه وحتى يتميز الخبيث من الطيب فهذا بمثابة الغرس لبذرة الدعوة المحمدية
فجاء شهر شعبان والذي كان ثمر ذلك الدعم الرباني للدعوة المحمدية وامته ولما امتثلوا الدعوة وقاموا بتوحيد الله تعالى وتقديسه ونشر محاسن الاخلاق واتباع ونصرة نبيه صلى الله عليه واله وسلم جاءت ثمرة الصدق والجهاد ضد مكائد وظلمة الكفر والجهل بان سقا الله قلوب المؤمنين وعلى راسهم سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم فصار الواحد لا يبالي بماذا ياكل او يشرب او يقتل بل وحول الكعبة لديهم نحو مكة المكرمة وكأن الله تعالى يريد ان يثبت للمعاندين ان الله قادر على ان يحول العالم كله ويجعله في خدمة احبابه
لذلك فلا تتعجب من ان تغسل الكعبة في شهر شعبان ! لتهيئها لاستقبال وجه النبي صلى الله عليه واله وسلم ووجوه اتباعه من الامة الى يوم الدين
” قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ..”
وجاء رمضان بالثمار فكانت من اعظم ثماره
الانتصار على الكفر في غزوة بدر
واتمام الفتح الاكبر كما في فتح مكة
ونزول القران الكريم المعجزة الخالدة الى يوم الدين ، وتم بذلك تمام وكمال الدين
” اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا”
الحمد لله رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحد صلى الله عليه واله وسلم نبيا ورسولا
لذلك احبابي نود جميعا ان ندخل في غرس السابقين وسقياهم وتذوق ثمارهم
بمعنى،،
من غرس في رجب ترك المعاصي وسقاها بتجديد التوبة والاستغفار في شعبان فانه يتذوق حلاوة المحبة في رمضان ” ان الله يحب التوابين ” ويذوق حلاوة الانتصار على نفسه وشيطانه كما تذوقها المسلمون في غزوة بدر !
ومن غرس في رجب الصدقة بان تصدق باليسير ثم سقاها في شعبان بان لم يحزن على ذهاب او نقصان ماله مع كونه لا ينقص على كثرة صدقاته ولم يتبعها منا ولا اذى فانه سيجني في رمضان ثمرة الزهد في الدنيا ويتذوق حلاوة ايمانه ويعرف معنى قوله صلى الله عليه واله وسلم ” والصدقة برهان”
نعم اذا رايت العبد يكثر من الصدقة فذلك برهان ودليل على ايمانه لان احب شي عند الانسان ماله فاذا انفقه على حبه فانه مؤمن
ومن غرس في رجب ركعتين من قيام اليل وسقاها بالمداومة عليها والابتعاد عن ما يشغل عنها من النظر الحرام وغيره في شعبان فانه سيتذوق حلاوة قيام وتراويح وتهجد رمضان
ومن غرس في رجب ذكر الله ولو قليلا وسقاها في شعبان بالمداومة عليه والاكثار منه فاز بالمجالسة مع الله وهي ثمرة الذكر قال في الحديث القدسي ” انا جليس من ذكرني”
فتصور ايها العبد انك تكون في رمضان محبوبا عند الله ومجالسا لله ومشغولا به عما سواه
بينما غيرك لا زال يعد مصحفه في رمضان ويفكر كيف يصلي ومتى يصلى وكيف يذكر متى يذكر فهذا لم يغرس ولم يسق وانى له ذوق ثمرات العبادة بل هي ذوق حسرات وندامات اللهم عافنا منها ..ولا شك ان من عمل بما سبق صادقا مخلصا مؤمنا محتسبا فان مقعده قد حجز له في ليلة القدر فدونك الفرصة امامك فانتهزها ومن فاته رجب فلا يفته شعبان والموعد ان شاء الله في رمضان اللهم بلغنا اياه في خير ولطف وعافيه