حلاوة الايمان في رمضان
الحمد لله، الحمد لله على دخول شهر رمضان، الحمد لله الذي جعل فيه ليلة الفرقان، الحمد لله الذي جعل فيه تنزل القرآن، الحمد لله الذي جعل فيه من عظيم الغفران، الحمد لله الذي جعل فيه من واسع الإحسان، الحمد لله الذي جعل فيه تفتح أبواب الجنان، الحمد لله الذي جعل فيه تغلق أبواب النيران، الحمد لله الذي جعل فيه تصفد فيه الشياطين والمردة من الشيطان، الحمد لله على هذا الفضل من الله تبارك وتعالى ، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [سورة إبراهيم آية:34 وسورة النحل آية: 18].وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وإمامنا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله ، والذي أخبر عنه وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم كما قال بعض الصحابة عن وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” كان أجود الناس بالخير،و كان أجود ما يكون في شهر رمضان حتى ينسلخ”. [رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما] اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار الأبرار، وعلينا ومعهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين وسلم تسليماً كثيراً...ثم أما بعد: فيا أيها العباد! فإني أوصيكم ونفسي الخاطئة المذنبة بتقوى الله... يا عباد الله! كم هي نعمة الله عظيمة علي وعليك، كم هو عظيم فضل الله عليك،فإذا كان الله عز وجل قد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم متحدثاً بفضله عليه قال: {وكان فضل الله عليك عظيماً} [سورة النساء آية:113]، فإذا كان فضل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم عظيماً فإن كل فضل على النبي إنما ينزل على أمة ذلك النبي ، وما من فضل نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ودخل فيه أتباعه من المؤمنين، فانظر إلى قول الله تبارك وتعالى : { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه} [سورة التحريم آية:8] فالحمد لله الذي أدخلنا في هذا الوعد والكرم من الله ،في عدم الخزي يوم القيامة، فاللهم لا تخزنا يوم يبعثون.يا أيها العباد! شهر رمضان ما فيه من العطايا والمنح والجوائز ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أكثر من حديث نبوي شريف ، ولعل أكثركم يعلم هذه الأحاديث علم اليقين ولكن ثمة أمور تبقى من كنوز رمضان ومن خيرات رمضان والتي ينبغي ألا يخرج المؤمن من رمضان إلا وقد حصل على بعضها أو كلها،عند ذلك يقال له: قد تقبل الله صيامك ، ويقال له : عيدك مبارك كما يقال .فأما الأمور التي ينبغي للمؤمن أن يبحث عنها في رمضان فإنها خمسة أمور، وأرجو من الحاضرين أن يستمعوا لأن هذه الجوائز غالباً لا تعطى إلا في رمضان، أو لا يرتفع العبد إلى منازلها إلا في رمضان ؛ لأن الله عز وجل يريد أن يعطيه ذلك، ووعد بأنه سيعينه، وهذان الأمران موجودان في رمضان ، أن الله يريد أن يعطيك الجوائز هو يريد وليست جوائز تعجيزية كما يقال بل هي وُهِبت لك ، هو يريد أن يعطيها لك ووعد بأنه سيعينك عليها فإذا كان هو يريد ووعد بالمعونة إذن ستأخذها بإذن الله ، فلماذا أكثر الناس لا يأخذون هذه الجوائز؟ لماذا؟ لسبب واحد! ما هو ذلك السبب؟ لأنهم اكتفوا بأن يمتنعوا عن الطعام والشراب فقط ، ولم يطلبوا الزيادة فيما أمرهم الله به حتى يعطيهم تلك الجوائز التي وعدها الله تبارك وتعالى في قرآنه وآياته وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعل آله وصحبه وسلم .المطلوب منك يا أيها الصائم في رمضان بعد الإكثار من الأعمال الصالحة ؛ لأنه لابد لكل مسلم صائم أن يدخل في كل عمل صالح ولو مرة .فشهر رمضان شهر يجمع الله عز وجل فيه كل الأعمال الصالحات من صيام ، من زكاة من كان يزكي، من صدقة، من صلاة ، من قرآن ، من إحسان، من بر بالوالدين ، من صلة للأرحام ، من إطعام الطعام ، من سُقيا الصائم ، من الدعاء لله تبارك وتعالى.جل الأعمال الصالحة جمعت في رمضان ، فالله عز وجل اختصر لك المسافة ، ومعلوم أن الإنسان إذا عمل الأعمال الصالحة ما الذي يترتب على ذلك؟ يترتب على ذلك ثلاثة أمور مهمة وهي في رمضان:الشيء الأول: إذا عمل المؤمن الصائم بالخصوص الأعمال الصالحة في رمضان فإن أول شيء يحصل عليه زيادة الإيمان وهو الذي نفتقده اليوم ! يظل العبد سنوات طوال وحدّ إيمانه لم يرتفع بل ربما نزل بسبب المعاصي والذنوب فرمضان فرصة لأن يزداد إيمانك ، وإذا ازداد إيمان العبد ما الذي يحصل؟ ذاق حلاوة الإيمان ، لماذا؟ لأن كل زيادة في العمل الصالح فإنها زيادة في حلاوته ، فإذا صمت فللصوم حلاوة، وإذا صليت فللصلاة حلاوة ، وإذا زكيت فللزكاة حلاوة ، وإذا تصدقت فللصدقة حلاوة ، وإذا قرأت القرآن فللقرآن حلاوة ، وإذا واسيت الفقراء والمساكين فلتلك حلاوة، وإذا بررت والديك ، وإذا وصلت أرحامك ، وإذا وإذا وإذا....تجتمع تلكم الحلاوات الإيمانية ، فإذا تجمعت من هاهنا وهاهنا وهاهنا ذقت حلاوة الجميع ، والمؤمن إذا ذاق حلاوة الإيمان لم يصبر على ترك تلك الحلاوة، بل يزداد طلبه ، يزداد عطشه تزداد همته وتزداد رغبته ،فإذا أراد أن يتذوق رجع إلى الأعمال الصالحة.إذاً : تزداد حلاوة الإيمان، فإذا ازدادت حلاوة الإيمان ارتقى إلى مرتبة أعلى من الإيمان، وهي -كما ذكرت لكم - موجودة في رمضان وفي غيره نعم، ولكن في رمضان أقرب إليك أيها المؤمن ، أعلى من زيادة الإيمان أن ترتفع إلى مرتبة المتقين ، والمتقي أعلى من المؤمن ، والله تبارك وتعالى قد أثنى على المتقين أكثر من ثنائه على المؤمنين، والله عز وجل جعل في رمضان خصوصية لزيادة معنى التقوى لا توجد في غيره من الأشهر والأيام، قال الله تبارك وتعالى:{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [سورة البقرة آية:183] {لعلكم تتقون} أي أن الصيام شهر يزيد في جرعة التقوى ، لا أقول في جرعة الإيمان فجرعة الإيمان قد وضحناها قريباً . فجرعة التقوى تزداد عندك وإذا ازدادت جرعة التقوى فإن ذلك يؤهلك ويرقيك ويرشح اسمك – إن صح التعبير- أن تنتقل إلى مرتبة أعلى من التقوى ، وما هي تلك المرتبة التي هي أعلى من التقوى؟ وهي مرتبة الإحسان ، يقول النبي صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم في حديث طويل يقول في آخره ، عندما سئل صلى الله عليه وسلم عن الإحسان ، قال : ” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” [رواه مسلم عن عمر رضي الله عنه] رمضان يمنحك هذه الفرصة ، رمضان مزود بوقود الإمداد لك من الله بأن تصل إلى مرتبة الإحسان ، ومرتبة الإحسان عند الله أعلى مراتب المنازل عنده جل جلاله وتعالى في علاه ، والله عز وجل يحب من عبده أن يبلغ أعلى مراتب الإيمان والتقوى والإحسان، لماذا؟ لأنك من أتباع رسول الله، ومادام رسولك اسمه محمد ،و ما كنت تتبع دين سيدنا محمد ، وما كنت ترجو أن يكون إمامك محمداً صلى الله عليه وسلم فلابد أن تكون في منزلته ، أن تكون في معيته ، أن تحشر معه ، أن تبلغ إلى ما وصل إليه ممن كان قبلك ،فالله عز وجل قال : {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [سورة الجمعة آية3 ] فإذا كان الصحابة الكرام ومن كان في زمنهم قد اصطفاهم الله عز وجل ، فإن الله قد قال لي ولك : {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } فإذا أنت جئت من بعدهم فبوسعك أن تلحق بركبهم إن كنت قد تتبعت هذا الطريق المستقيم.يا عباد الله! زيادة الإيمان، زيادة التقوى، زيادة الإحسان، مر علينا أربعة أيام وهذا اليوم الخامس، الاثنين أول يوم صمناه، الثلاثاء الأربعاء الخميس وهذا هو يوم الجمعة أول جمعة في رمضان، سل نفسك أين وصل إيمانك؟ هل تذوقت شيئاً ؟ هل بدت لك بارقة القرب من الله عز وجل؟ هل تحركت في نفسك رغبة شديدة ملحة في أن تتوب من أعماق قلبك توبة نصوحاً لا أن تفكر في المغفرة فقط؟ فكر في أن يتوب الله عليك ، وربما يقول قائل: ما الفرق بين المغفرة والتوبة؟ عندما يقال: فلان غفر الله، وفلان يقال: تاب الله عليه هل هناك فرق؟ نعم، فأما المغفرة فإن الله يتجاوز عن سيئاتك، وهذه ممنوحة من الله وهبا ًوفضلاً وكرماً وإحساناً كما ذكرنا في الأسبوع الماضي في آخر جمعة في شعبان، وأما التوبة فإذا تاب الله عليك ، فمعناه أنه قد أحبك، قال الله عزوجل: { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [سورة البقرة آية:222] ولذلك فإن التوبة مقام عظيم، فلابد أن تتبع هذا المعنى، خمسة أيام صمناها وهذا الخامس، وست ليال وهذه الليلة السادسة، فما أخبار الصيام عندك؟ وما أخبار القيام؟وما أخبار القرآن؟وما أخبار صوم تقريباً أكثر من أربع عشرة ساعة من النهار؟ قد جعل الله لنا في هذه السنة أن نصوم أكثر من أربع عشرة ساعة ونفطر بضعة ساعات . تستطيع أن تمسك نفسك فلذلك لابد أن تزيد فيك جرعة الإيمان، وإذا ازدادت جرعة الإيمان حصلت على جائزة تتعلق بالإيمان وهي ثناء الله عليك، ثم إذا وصلت إلى مرتبة المتقين حصلت على جائزة خاصة وهي معية الله للمتقين ، معية الله والمعية لها عدة معان يا أيها الأحباب، وإذا ازدادت جرعة التقوى عندك وصلت إلى مرتبة الإحسان فتأخذ معية أخرى أفضل من معية المتقين ومن معية المؤمنين، أما معية المؤمنين عندما يقال : {وأن الله مع المؤمنين} [سورة الأنفال آية:19] ، عندما يقال :{إن الله يدافع عن الذين آمنوا} [سورة الحج آية:38] نجد أن معنى معية الله لعبده المؤمن هي معية النصرة {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}، فإذا كنت من المتقين تكون المعية للحفظ، وإذا كنت من المحسنين تكون المعية للمحبة،فتكون معية الله لك هي معية المحبين، فعندما يقال لك: أنا معك قلباً وقالباً، معك ظاهراً وباطناً، فذلك يدل على أعلى مراتب المحبة وتلكم موجودة في رمضان، ومرتبة الإيمان والتقوى والإحسان مجموعة في الأعمال الصالحة التي أنتم تقومون بها، ولكن كثير من المسلمين من الصائمين لا يستحضر هذه المعاني عند قيامه بالأعمال الصالحة، عند قيامه بالقربات بين يدي الله تبارك وتعالى، على سبيل المثال أعطيك مثالاً واحداً، نحن الآن في هذا الشهر وفي وقت الصيف كثير من المسلمين يصومون - لا أقول يفطرون - ولكن لا يمسكون ألسنتهم، فهم يصومون في النهار ولكنهم يتأففون من الحر، ويتأففون من الطقس ، ويتأففون من طول وقت النهار، فهؤلاء قد حرموا أنفسهم من معية الله تبارك وتعالى، من معية الله جل جلاله وتعالى في علاه. وكلما كنت صابراً ًشاكراً مقبلاً محتسباً كلما كنت أقرب عند الله تبارك وتعالى، ولقد أشار إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مشهور وأظن أن أكثركم يعلمه إن لم يكن كلكم، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” من قام رمضان – أي صلاة التراويح- إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه” [رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة]، وفي رواية : ” من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ” ،وفي رواية خاصة ذكرها المنذري : “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر” [رواية للنسائي عن قتيبة بن سعيد عن سفيان وهو ثقة ثبت،وإسناده على شرط الصحيح]، اللهم ارزقنا ذلك يا رب العالمين. وهذه فرصة لك يا أيها الصائم ما دمت تعيش في جو رمضان قبل أن يخطفك الموت ، لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان إيماناً واحتساباً ثم قال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً ؟ أما كان يكفي أن يقول: من صام رمضان ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً ألا يكفي ذلك؟ بلى يكفي ، ولكن لتلك القولتين إشارة عظيمة، من صام رمضان، الصوم يحتاج إلى إيمان منك وإلى صدق بوعد الله جل جلاله لك ، وكذلك الاحتساب ؛أي أنك تطلب الثواب الجزيل من الله جل جلاله وتعالى في علاه،ومعنى ذلك: لا ترائي بعملك الناس، والمعنى الآخر لا تقل: إن الله لن يغفر لي ، لا تقل ذلك ! بل ربما يكون - في غير رمضان – ربما يكون هناك حساب ، ربما تكون الشروط شديدة ، ربما تكون هناك قيود شديدة، لكن في رمضان، كما يقال رمضان كريم، يعني أن الله كريم، ورب رمضان كريم، يقبل منك العمل الصالح فيكرمك، فلا تجعل نفسك تتأخر، ولا تصغي لتهويسات وخواطر وهواجز نفسية تبعدك عن فضل الله سبحانه وتعالى، وكذلك من قام رمضان تحتاج إلى صبر، في النهار صائم وفي الليل قائم، فيه شيء من الجهد، شيء من التعب، شيء من البذل، صائم في النهار قائم في الليل على مدى ثلاثين يوماً، جهد تعب إرهاق عمل ، وخاصة لمن كان له أعمال ودوام في عمله في الصباح الباكر إلى آخره، و{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [سورة الحديد آية21].ياأيها الأحباب! إنما ذكرته لكم إنما هي ثلاث جوائز كما ذكرت في رمضان، أسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من أصحابها ومن لم يصل إلى هذه المرتبة فليجتهد اجتهاداً قوياً فيما تبقى من رمضان فإنه موسم عظيم لا يعوض والله، أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه،أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه و نؤمن به ونتوكل عليه ونثني عليه الخير كله ، أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الأطهار وصحابته الأخيار الأبرار وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين وسلم تسليماً كثيراً.ثم أما بعد: فيا أيها العباد! فإني أوصيكم ونفسي المذنبة الخاطئة بتقوى الله .يا عباد الله ! الجائزة الرابعة وهي ما قبل الخامسة، الجائزة الرابعة : وهي قرب الله عز وجل قرب لا تجده في غير رمضان قرب عجيب ، قرب تتذوق حلاوته، قرب من الله جل جلاله وتعالى في علاه، نعم إن رحمة الله تعالى قريب من المحسنين ، لكن هل تعلم متى يكون الله أقرب؟ يكون الله أقرب في ثلاث حالات: حالة كلكم لم تصلوا إليها إلى الآن وهي حالة الموت {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ سورة ق آية:16] {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} [سورة الواقعة آية85] أي أن الله يكون أقرب إلى عبده المؤمن حين خروج روحه من جسده والمؤمن يتذوق و يرى ذلك القرب من الله، أسأل الله عز وجل أن يكون قربه قرب رحمة ومحبة وفضل وإحسان يا رب العالمين.هذا القرب الأول، القرب الثاني: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فكيف إذا كان الساجد صائماً؟ فكيف إذا كان الساجد في ليلة من ليالي رمضان فإنه قرب في قرب في قرب أسأل الله عز وجل أن يرزقنا ذلك القرب ، القرب الثالث: وهي من خواص رمضان ، قرب من دعوة الصائم ، دعوته وخاصة عند الإفطار، فإن قرب الله منك لا يمكن أن تتصوره ، قرب في سرعة استجابة الله لدعائك، ولو لم تشهد تلك الإجابة إلا فيما بعد، عندما يقال لقد تم قبول طلبك، فإن قبول الطلبات في رمضان مئة بالمئة صحيح، ثم يتحقق ذلك الطلب في الوعد الذي هو يحدده لك؛ لأنك لا تعلم ما ينفعك بل هو يعلم {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} [سورة الملك آية14].ولذلك يقول الله عز وجل في هذا المعنى عندما تقرؤون آيات الصيام في سورة البقرة من بداية قول الله عز وجل : {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب ....إلى آخر الآيات ثم بعد ذلك يقول: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إذ تسمى تلك آيات الصيام، و ذكر قبلها: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} بعد هذه الآية ذكر الله عز وجل: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}قرب ماذا؟ {أجيب دعوة الداع إذا دعان} أي أن الله أقرب منك بحيث أن دعوتك لا ترد بإذن الله تبارك وتعالى، ربما بعض المسلمين يقول: أنا دعوت الله سنوات في رمضان ولم يستجب الله لي! فلماذا لم يستجب الله لك؟ نقول: لأنك لم تكن واثقاً بوعد الله ، ولذلك في نهاية الآية قال: {فليستجبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [الآيات من سورة البقرة من آية:183-187]، لابد من الإيمان إذا وعد الله فإن وعد الله ناجز سبحانه وتعالى، إذاً لكم دعوات مستجابات في رمضان وخاصة عند الفطر، قال أهل العلم: ولماذا عند الفطر؟ قالوا: لأن عتق الرقاب يكون ساعة الإفطار، تسمعون اللهم اعتق رقابنا، اللهم اعتق رقابنا، متى تعتق الرقاب؟ كل ليلة من رمضان وليالي رمضان تبدأ من أذان المغرب، وكأني بملك من ملائكة الرحمن ينادي بأسماء المعتوقين، فلان بن فلان، فلان بن فلان، فلان بن فلان، أعتقناه من النار عند الفطر، ولذلك لابد أن تكون في حالة الإفطار ممتلئاً خاشعاً خائفاً راغباً مشتاقاً حاضر القلب مع الله لا تلهو ولا تشغل بالمائدة التي أمامك بل اشتغل في تلك اللحظة هل أنت من المعتوقين أم لا؟ اللهم اعتق رقابنا من النار، ولقد مرت أربع ليال أعتقت رقاب فيها، وجاء في رواية : ” ولله عز وجل في كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره “ [رواه الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والبيهقي، واللفظ له ،وليس في إسناده من أُجمع على ضعفه من حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما]. ومن أعتق في رمضان فقد فاز فوزاً عظيماً، فاللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار، والكلام يطول ويعرض، ولكن أنتقل للجائزة الخامسة، وهي جائزة رمضانية كلنا يحتاج إليها، كلنا نرمي التهمة بسببها، يا عباد الله ! معلوم لديكم أن الله قد صفد الشياطين أي مردتهم في رمضان حتى لا تكون لنفسك حججاً بأن تقول الشيطان وسوس لي، الشيطان ضحك علي، الشيطان... نعم الشيطان والقرين شيء آخر، أما القرين فهو ضعيف يفر من ذكر الله عز وجل، لكن الشيطان ومردته مقيدون في رمضان، هل تعلم أن من جوائز رمضان أن يبقى الشيطان مقيداً حتى بعد رمضان، تلكم من جوائز رمضان، إذا أنت فزت بهذه الصفات: الإيمان والتقوى والإحسان، فإن الله يدخلك في وعده الذي خاطب به إبليس قبل أن تخلقوا في هذه الأرض: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} [سورة الحجر آية42 وسورة الإسراء آية 65]، فإن من أهل رمضان من إذا خرج رمضان فإن الشيطان لا يقربهم إلى يوم القيامة تلكم من جوائز رمضان، فاجتهد كون إبليس مصفداً وأنت في معونة الله عز وجل، فإنه إذا صفد الشيطان وقيد إلى أن تموت فقد فزت فوزاً عظيماً.هذا وأسال الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم كل هذه الجوائز، وكما يقال وما خفي كان أعظم، أسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الفائزين ومن المعتوقين ومن المقبولين ومن المغفور لهم ومن المرحومين يا أكرم الأكرمين.ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه فقال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً} [سورة الأحزاب آية: 56]، اللهم فصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار الأبرار وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم دمر أعداءك أعداء الدين، اللهم خلص أولى القبلتين، و احفظ الحرمين الشريفين، واحفظ هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من الفتن والمحن والحروب والآلام والقحط والجوع والدمار وسائر الحروب يا رب العالمين.ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.اللهم اعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.اللهم إن هذه ليلة من ليالي رمضان لك فيها عتقاء من النار، فاللهم اجعلنا هذه الليلة من عتقائك من النار، اللهم أذقنا حلاوة العتق، وحلاوة الإيمان، وحلاوة الصيام، وحلاوة التقوى، وحلاوة الإحسان، وحلاوة محبتك، وقربك، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.اللهم زدنا إيماناً،وزدنا تقوى، و زدنا إقبالاً، و زدنا خشوعاً، و زدنا توبة.اللهم ارزقنا قلباً خاشعاً، وعلماً نافعاً، وعملاً متقبلاً، وعيناً خاشعةً باكيةً من خشيتك يا رب العالمين.اللهم تقبل صيام الصائمين، وتقبل قيام القائمين، وتقبل زكاة المزكين، وتقبل صدقة المتصدقين، و تقبل إطعام المطعمين، وتقبل مواساة الفقراء والمساكين، وتقبلنا جميعاً بقبول حسن يا رب العالمين.اللهم إن هذا الشهر قد وصف بالكرم وأنت أكرم الأكرمين وأنت أرحم الراحمين وأنت أجود الأجودين و إنك يا الله تحب أن تكون محسناً فاللهم ها نحن بين يديك أمرت أغنياءنا أن يتصدقوا على فقرائنا وأمرتهم بأن يزيدوا من الصدقات و المواساة في رمضان فها نحن فقراؤك فتصدق علينا، يا أغنى الأغنياء ويا أكرم الأكرمين، إننا فقراء إلى رحمتك فارحمنا، وإننا فقراء إلى عتقك فاعتقنا، وإننا فقراء إلى نظرتك فانظر إلينا، وإننا فقراء إلى نصرتك فانصرنا، وإننا فقراء إلى مغفرتك فاغفر لنا، وإننا فقراء إلى توبتك فتب علينا، وإننا فقراء إليك فكن لنا يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.وارحم اللهم الشيخ زايد والشيخ راشد والشيخ مكتوم و بارك اللهم في ولي أمرنا ونائبه وسائر حكام الإمارات وسائر حكام المسلمين، دلهم على الخير وعلى فعل الخير آمين اللهم آمين. وبارك في من بنى هذا المسجد و في من بنى مسجداً لله .عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون